ابو وائل ابو وائل
عدد الرسائل : 673 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رسالة من بنت لابوها الإثنين أبريل 06, 2009 6:12 pm | |
| يا طيب ... اشتقت إليك
اولا دعني اقبل يديك الحانيتين و جبهتك و اقول لك بعدها كم اشتقت إليك حقا يا أبي .. اشتقت لكل ما فيك .. لتلك الابتسامة الطيبة التي لا يلحظها الكثيرون .. تلك النبرة الدافئة في صوتك و أنت تسأل عني و عن أخباري .. اشتقت لعينيك التي أرى دوما فيهما الدعاء لي و لأخوتي .. و تلك اللمعة التي رأيتها فيهما حينما كنت معك آخر مرة .. أتذكر ذلك اليوم فيزداد شوقي لك .. يومها جئت إلى مصر دون أن تعلم .. و حين فاجأتك أخذتني في حضنك و دمعت عيناك و كم كان حضنك دافئا .. حمل كل معاني الحب و الشوق و اللهفة .. لم تلمني وقتها أني جئت فجأة مثلما فعلت أمي .. بل اكتفيت بأنك رأيتني و أطمأن قلبك و قرت عيناك برؤيتي .. لحظتها شعرت أن تلك الدنيا لا تسوى شيئا مقابل لقاءك يا أبي .. في تلك الأيام القليلة التي قضيتها معك شعرت بمعنى البيت حقا .. آمنت أنك سندي في هذه الدنيا .. و كم كان وداعك صعب على نفسي .. حين قلت لك أني اريد أن أاجل سفري .. لم توافق يا حبيبي و قلت لي توكلي على الله و قبلتني و دعوت لي .. و ما أن ركبت الطائرة حتى شعرت بالرهبة لفراقك .. كنت أتمنى لو أني تشبثت برأيي و أجلت سفري و قضيت معك بضعة ايام أخرى و لكن قدر الله و ما شاء فعل اليوم يا أبي أكتب لك لأقول كم اشتقت إليك .. و أحن لأيامي معك .. أتذكر حين كنا نستيقظ صباحا أنا و أنت .. و قبل أن أذهب إلى الكلية .. أذهب لأحضر الفطور و نفطر سويا .. و يبدأ الجدل حتى أغير قناة الجزيرة التي تتابعها باستمرار لدرجة تستفزني دوما .. و حين يأست من مجادلتك في هذا الشأن .. قررت أن أشاركك المشاهدة بدل من ان نبدل القناة .. و أجلس معك قليلا ثم اذهب إلى كليتي بعد أن تدعي لي بأن يكفيني الله شر الطريق و يسخر لي أولاد الحلال .. و أعود إلى البيت قبل المغرب تقريبا لأساعدك في تحضير الغداء .. و تبدأ مغامرتنا في المطبخ .. فمعظم الأكلات كنا نبتكرها أو على الأقل نجدد فيها .. و كنت أتعجب كيف أنك تتقن الطبخ .. و تبدأ تسرد لي كيف تعلمت الطبخ أيام الشباب و الوحدة .. و بعدما نفرغ من الغداء أجلس معك لنبدأ الحديث عن السياسة .. كم اشتقت لحديثك يا أبي .. لا أنكر أني تأثرت بآرائك في كثير من الأمور .. و لا أنكر كذلك أنك غيرت لي بعض الأفكار .. لأني فهمتها منك أكثر .. أود لو أني اتحدث معك الآن عن أنورالسادات .. أعلم جيدا أنك تحبه و علمتنا نحبه مثلك .. و علمتنا كيف ندافع عنه و لكن عن اقتناع و ليس فقط لأنها وجهة نظرك ... و حين تتحدث عن الدنيا بشكل عام ..و عن ذكرياتك ايام شبابك و قصو جوازك من أمي الطيبة ... أكون معك مثل الطفل الصغير الذي لا يزال يتعلم من جديد معنى الحياة ... كم أحن لتلك الأحاديث معك هل تذكر أيضا أيام الامتحانات .. أني أضحك الآن و أنا أتذكرها .. كوب الشاي الذي كنت تعده لي يا أبي .. قيامك في الفجر لتطمأن علي و صلاتي معك جماعة .. شاكرة لك أنك كنت تذكرني دوما بالصلاة .. و قراءة القرآن لي و دعائك قبل نزولي .. و بعد أن أخرج من اللجنة أجدك تتصل لتطمئن ماذا فعلت .. أود لو أني أعود من جديد لأقضي معك تلك الأيام مرة أخرى .. و نبدأ المناقشة حتى في موادي الدراسية من تسويق و اعلان و اقتصاد و مواد المحاسبة السخيفة .. كنت تعلم كم أكره المحاسبة و كنت تعلم كذلك أني كنت أتهرب من مذاكرتها و آذهب إليك مدعية أني اريد أن أتشاور معك في موضوع مهم .. فكنت تضحك لي ضحكة أعرف معناها و ادرك منها أنك تعلم أن حجتي بالية .. و مع ذلك كنت تتحدث معي و بعد قليل تحثني مرة أخرى على المذاكرة .. حتى إنك كنت تجلس معي فقط لتشجعني و تريني أنك أنت ايضا ستذاكر محاسبة مثلي هكذا كنت و مازالت يا أبي .. رؤوف بي .. لن أنسى يا ابي أنك من جعلني أحب الرسم المعماري .. لن أنسى أن في الشهر الأجازة قبل امتحانات الثانوية العامة أنك أحضرت لي مذكرة عن الرسم المعاري و ظللت تعلمني .. بالرغم من ان أمي لامت عليك لأني لا اذاكر المناهج المقررة .. و لكنك تحايلت على هذا الموقف و استطعت أن تجعلني أوفق بين الاثنين .. و حين ذهبت إلى كلية الفنون الجميلة و بعد شهر دورة تدريبية هناك و امتحنت امتحان القدرات و علمت أني رسبت .. شعرت بحزنك على حزني يا أبي .. لأنك كنت تعلم كم كنت أود أن أدخل قسم عمارة .. و لحظتها عرضت عليا أن أحاول في أي جامعة خاصة و لكني رفضت .. و لكني لم أنسى رأفتك بي و محاولاتك حتى أعدل عن رأيي .. لن انسى أبدا هذا الموقف يا ابي ما حييت لم أمضي معك يا أبي سوى عام دراسي واحد و أنا في الجامعة .. كانت السنة الأخيرة و لكنها كانت بالنسبة لي من أجمل السنين التي قضيتها .. و حين سافرت و تركتك .. عرفت حقا قيمتك عندي و في نفسي .. شعرت بأهميتي عندك حين حادثتك و قلت لي ( انت كنت شايله حمل كبير معايا ) ياااااه يا بابا .. لقد دمعت عيناي حين قلت تلك الكلمة .. كم وددت لو أني أعود إليك من جديد .. أعتذر لك يا أبي عن كل شيء قد فعلته و ضايقك مني .. اعتذر لك يا أبي و وودت لو أنك معي الآن .. أني حقا افتقدك بشدة .. و لكني كلي يقين أني سأراك عن قريب انشاء الله .. و أعلم أنك تنتظر هذا اليوم مثلي .. و اعدك أني سأبذل كل ما في وسعي حتى ترضى عني دائما .. سابذل جهدي حتى تظل فخورا بي .. لن أخذلك يا ابي ما حييت .. و كل ما أدعوه الآن من الله .. أن يحفظك لنا و أن لا يحرمنا منك يا أعز و أغلى و أطيب قلب .. و ان تمر الأيام سريعا حتى ألقاك .. و لكن أقولها لك من الآن سامحني إذا أتيت هذه المرة ايضا فجأة دون سابق انذار .. أحبك يا أبي و حديثي عنك لن ينتهي أبدا و طلبي الآخير أن تكون دوما راضي عني و أن لا تكف عن الدعاء لي و لأخوتي جميعا أبنتك الحبيبة
| |
|