ابو وائل ابو وائل
عدد الرسائل : 673 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: فوائد المحن الجمعة ديسمبر 05, 2008 2:59 am | |
| فوائد المحن " إنطلقوا يا ملائكتي إلي عبدي فصبوا عليه البلاء صبا فيصبون عليه البلاء فيحمد الله فيرجعون فيقولون يا ربنا صببنا عليه البلاء كما أمرتنا فيقول ارجعوا فأني أُحب أن أسمع صوتهَ" رواه الطبراني في الكبير عن أبي امامة الصب هو السكب ، وصب الماء اراقته من أعلي ، والمراد بالصب هنا العرض والإلقاء أي اعرضوا والقوا يا ملائكتي علي عبدي فلان ليختبر ويمتحن ولكل من يحزن عند أي محنة فإنها منحة له فمن يعبر قناطر الفتن له من خزائن المنن أي المِنة والجود وكل الفضل ورفع الدرجات من رب العالمين وفي قوله تعالي لكل مكروب ولكل حزين في قوله تعالي:- "وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"آل عمران {139} ولا تضْعُفوا -أيها المؤمنون- عن قتال عدوكم, ولا تحزنوا لما أصابكم في "أُحد", وأنتم الغالبون والعاقبة لكم, إن كنتم مصدقين بالله ورسوله متَّبعين شرعه ، فالعبرة ليس بخصوص اللفظ ولكن بعموم السبب أي أننا نأخذ حياتنا من الوصايا الربانية من القرآن الكريم ليس بخصوص سبب الحالة ولكن تعمم علي حياتنا مدي الحياة وكل ذلك تمحيص أي تطهير لكل مؤمن في قوله تعالي:- "وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِين"آل عمرانَ{141}فجزاء كل مؤمن يصبر عند المحن ويشكر عند أي سراء تمر به ويكون عنده هدف أن نصر رب العالمين قريب و له الجنة ولكن بعد التمحيص وذلك في قوله تعالي:-"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ "البقرة214 أي بل ظننتم -أيها المؤمنون- أن تدخلوا الجنة, ولمَّا يصبكم من الابتلاء مثل ما أصاب المؤمنين الذين مضوا من قبلكم: من الفقر والأمراض والخوف والرعب, وزُلزلوا بأنواع المخاوف, حتى قال رسولهم والمؤمنون معه -على سبيل الاستعجال للنصر من الله تعالى-: متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب من المؤمنين ، فجهادهم وصبرهم لله تعالي يكون لهم الجنة وفي قوله تعالي:- "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ "آل عمران142 يا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أظننتم أن تدخلوا الجنة, ولم تُبْتَلوا بالقتال والشدائد؟ لا يحصل لكم دخولها حتى تُبْتلوا, ويعلم الله -علما ظاهرا للخلق- المجاهدين منكم في سبيله, والصابرين على مقاومة الأعداء. والبلاء هو اختبار المؤمن وذلك في قوله تعالي:- "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ "البقرة155 ولنختبرنكم بشيء يسير من الخوف، ومن الجوع, وبنقص من الأموال بتعسر الحصول عليها, أو ذهابها, ومن الأنفس: بالموت أو الشهادة في سبيل الله, وبنقص من ثمرات النخيل والأعناب والحبوب, بقلَّة ناتجها أو فسادها. وبشِّر -أيها النبي- الصابرين على هذا وأمثاله بما يفرحهم ويَسُرُّهم من حسن العاقبة في الدنيا والآخرة. وليس فقط البلاء في الضراء فقط ولكن يمكن أن يكون بلاء حسن أي اختبار لكل مؤمن ليرفعهم أعلي الدرجات بشكرهم لكل نعمة أنعمها عليهم بها مع تصريف هذه النعمة في طاعته سبحانه وفي قوله تعالي:- ".....وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "الأنفال17 وليختبر المؤمنين بالله ورسوله ويوصلهم بالجهاد إلى أعلى الدرجات, ويعرِّفهم نعمته عليهم, فيشكروا له سبحانه على ذلك. إن الله سميع لدعائكم وأقوالكم ما أسررتم به وما أعلنتم, عليم بما فيه صلاح عباده. أن اللّه سبحانه وتعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين، بحسب ما عندهم من الإيمان، وفي تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 992 في صحيح الجامع. قال صلي الله عليه وسلم : "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء" و في قوله تعالي:- "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ "العنكبوت2 أظَنَّ الناس إذ قالوا: آمنا, أن الله يتركهم بلا ابتلاء ولا اختبار؟ فما السبيل إلي أننا لا نتعايش في خوف وحزن فيكون لنا البشري ما سمات هذه الفئة فهم الذين قالوا ربنا الله أي علموا قدرته وكرمه وجوده واحسانه علينا حتى نصل إلي مرحلة الاستقامة في قوله تعالي:- "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ "فصلت30 إن الذين قالوا ربنا الله تعالى وحده لا شريك له, ثم استقاموا على شريعته, تتنزل عليهم الملائكة عند الموت قائلين لهم: لا تخافوا من الموت وما بعده, ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم من أمور الدنيا, وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون بها. كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوات لا يدعهن وعن أنس بن مالك قال صلي الله عليه وسلم:- اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الرجال اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا نتعلم أن المحن التي يمر بها الإنسان تكون كلها خير عليه فتكون النصرة من الله تعالي والجنة ولا ينبغي أن لا ننسي العلاج القرآني لنا عند كل ضيق وحزن في قوله تعالي:- " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ "الحجر97 أي بالتسبيح أي بالتنزيه من رب العالمين عليه وبحمده سبحانه وتعالي وبكثرة السجود ويكون بعبادة الله تعالي في كل وقت وحين حتي يأتي اليقين أي الموت . وللمصائب والمحن فوائد تختلف باختلاف رتب الناس : 1- معرفة عز الربوبية وقهرها. 2- معرفة ذل العبودية وكسرها ، وإليه الإشارة يقول تعالى: {الَذِينَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ} ، اعترفوا بأنهم ملكه وعبيده ، وأنهم راجعون إلى حكمه وتدبيره ، لا مفر لهم منه ولا محيد لهم عنه. 3- الإخلاص لله تعالى ، إذ لا مرجع في رفع الشدائد إلا إليه : {وإن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إلاَّ هُوَ}. 4- التضرع والدعاء: {وإذَا مَسَّ الإنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا} . 5- تمحيصها للذنوب والخطايا :« ولا يصيب المؤمن وصب ولا نصب حتى الهم يهمه والشوكة يشاكها إلا كفر به عن سيئاته » رواه مسلم. 6- ما في طيها من الفوائد الخفية : {فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً ويَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} ، ولما أخذ الجبار سارة من إبراهيم عليه السلام كان في طــي تلك البلية أن أخدمها هاجر ، فولدت إسماعيل لإبراهيم عليهما السلام ، فكـان من ذرية إسماعيل خاتم النبيين ، فأعظم بذلك من خير كان في طى تلك البلية. 7- إن المصائب والشدائد تمنع من الأشر والبطر والفخر والخيلاء والتكبر والتجبر. ولهذه الفوائد الجليلة كان أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمـثـل ، كالذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ، وتغربوا عن أوطانهم ، وتكاثر أعداؤهم ، ولم يشبع سيد الأولين من خبز مرتين ، وأوذي بأنواع الأذية ، وابتلي في آخر الأمر بمسيلمة وطليحة والعنسي ، قال عليه الصلاة والسلام : «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها مرة حتى تهيج» رواه مسلم 8- الرضا الموجب لرضوان الله تعالـى ، فإن المصائب تنزل بالبر والفاجر، فمن سخطها فله السخط ومن رضيها فله الرضا . اللهم إننا لا نتطلب هذه المحنة ، ونقول سـنـصـبـر عليهـا أو نحن مستعدون لها ، فلا يجوز لمسلم أن يعرض نفسه للفتنة وقد لا يصبر عليها ، أو يـضـع نفـسه موضع الذل والهوان، أو موضع المتسلط عليه من الكفار ، فنصبح فتنة للذين كفروا ، ولـكـن إذا تـعـرض الـمـسلم للمصائب والمحن بقدر من الله ولحكمة يريدها الله ، فلابد أن يصبر ويتقي الله ، وبعدهـا يؤتي الله نصره من يشاء ، وعندما يتعرض المسلمون للمحن والرزايا فلاشك أن في ذلك فوائـد كثـيـرة يريدهــا الله ، كتمحيص الصفوف ومعرفة الصابرين المجاهدين ، والدخلاء الذين هم غثاء كغثاء السيل واختبار الله للعبد تارة يكون بالمسار ليشكروا وتارة بالمضار ليصبروا فصارت المحنة والمنحة جميعاً بلاء فالمنحة مقتضية للصبر والمحنة مقتضية للشكر. ولا شك أن إضافة العبد إليه عز وجل هنا لتعظيمه وتشريفه اذ بين أن العبد المصبوب عليه البلاء حمد الله واثني عليه بما هو أهله فكان قابلاً للبلاء متعرضا له بدون أن يظهر إساءته أو كراهيته له بل يتسع صدره له وهو حامد شاكر مظهر الثناء علي الله والرضا به ومعافاة غيره عن الابتلاء بمثل ذلك ليس كذلك ، فعلي المؤمن العاقل إن يتلقي البلاء والمصائب بكل حواسه بصدر رحب وقلب مطمئن بالإيمان ومفعم بالرضا والصبر والاحتساب. وعلي هذا من لم يكن صابراً علي بليته فقد تخلق بأخلاق الكافرين بل نقول : إن وصف الإيمان ينزوي حينئذٍ عن قلبه ويكون علي رأسه كالظلة حتي يراجع نفسه ومن مظاهر انزواء الإيمان عن القلب الشكوي إلي غير الله ، وهي ذنب عرفك عقوبته فقيل :"من شكا مصيبة إلي غير الله لم يجد حلاوة الطاعة" وإذا رفع الصبر حل محله الجزع تفقد مرارته طعم حقيقة الإيمان نطق بهذا الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه في وصية مودع ، أوصي بها ولده قبل موته فقال: " يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك " إذاً هو تجربة بلغة لقمان الحكيم حين أوصي ابنه قائلاً " يا بني إن الذهب يجرب بالنار والعبد الصالح يجرب بالبلاء فإذا أحب الله قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط" ويبين القرآن الكريم الفرق بين ثبات وقوة إيمان العبد وفي قوله تعالي "أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }الرعد17 ضرب الله سبحانه مثلا للحق والباطل بماء أنزله من السماء, فجَرَت به أودية الأرض بقدر صغرها وكبرها, فحمل السيل غثاء طافيًا فوقه لا نفع فيه. وضرب مثلا آخر: هو المعادن يوقِدون عليها النار لصهرها طلبًا للزينة كما في الذهب والفضة, أو طلبًا لمنافع ينتفعون بها كما في النحاس, فيخرج منها خبثها مما لا فائدة فيه كالذي كان مع الماء, بمثل هذا يضرب الله المثل للحق والباطل: فالباطل كغثاء الماء يتلاشى أو يُرْمى إذ لا فائدة منه, والحق كالماء الصافي, والمعادن النقية تبقى في الأرض للانتفاع بها, كما بيَّن لكم هذه الأمثال, كذلك يضربها للناس; ليتضح الحق من الباطل والهدى من الضلال ، أي الذي يثبت ويزيد إيمانه بأي اختبار من رب العالمين فيكون علي نقاء وطهارة مع رفع الدرجات . نتعلم من هذا الله تعالي في كل الأوقات ونرضي بقضائه وذلك يجعلنا نفكر عند وقوع أي بلية أن نحمد الله علي أنها لن تكون اكثر من ذلك ولم تكن في ديننا اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا . مراجع الأحاديث القدسية تدقيق فضيلة الدكتور / أحمد عبده عوض | |
|